إكرام الإدارة
عدد المساهمات : 254 تاريخ التسجيل : 24/05/2010 الموقع : mbm1.yoo7.com
بطاقة الشخصية الأهداءات: 1
| موضوع: قصه الخضر ( عليه السلام ) الخميس نوفمبر 25, 2010 10:16 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بسم الله الرحمنالرحيم وبهنستعين القصة:قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَالْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) (الكهف) كان لموسى-عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمعالبحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمنالذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا (أَوْ أَمْضِيَحُقُبًا). نرى أن القرآنالكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرحبالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم،وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة،وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولايقومالدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان،كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماءالأشخاص لحكمة عليا. إنالقصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم منطبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدرالأعلى، وذلك علم أسدلت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الأستار الكثيفة.. مكاناللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى تم لقاءموسى بهذا العبد. وهكذاتمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليهالحق تبارك وتعالى بقوله: (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْعِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) هو عبد أخفى السياقالقرآني اسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه. لقدخص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل،وأحد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبيالعظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضعيحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذاالعبدالذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]-عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ويسير موسى مع العبدالذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها. ومعمنزلة موسى العظيمة إلا أن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يرفض صحبة موسى.. يفهمهأنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتىيحدثه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]عنه. والخضرهو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناكتصرفات يأتيها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وترتفع أمام عيني موسى حتىلتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثيرتصرفات [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]دهشة موسى ومعارضته.. ورغمعلم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاهالله من لدنه علما. وقداختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياتهووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة،وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها،فلانقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصتهكما أوردها القرآن الكريم. قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عنالحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعارائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعينمنبني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟ قالموسى مندفعا: لا.. وساقالله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى مايدريك أين يضع الله علمه؟ أدركموسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]السلام، يقول له: إن للهعبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. تاقتنفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أنيرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة فيسلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذاالحوتويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عنالعبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة علىالمكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياةللسمكةالقابعة في السلة وتسربها إلى البحر. ويظهرعزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام،وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عنالتصميم، لا عن المدة على وجه التحديد. وصلالاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصابالحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديدمكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه. نهضموسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقيةيومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكرموسى غداءه وحل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]التعب.. (قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَامِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع. ساعتئذتذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغمغرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآه[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، لقد رأى الحوت يشق الماء فيتركعلامة وكأنه طير يتلوى على الرمال. سعدموسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَمَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده.. إنتسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجلالعالم..ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام. أخيراوصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر..وهناك وجدا رجلا. يقولالبخاري إن موسى وفتاه وجدا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفهتحت رجليه وطرف تحت رأسه. فسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]موسى، فكشف عنوجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟ قال موسى: أنا موسى. قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يا نبي إسرائيل. قال موسى: وما أدراك بي..؟قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟ قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقيرهَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَمَعِيَ صَبْرًا). نريدأن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أنيعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفيقلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت فيتصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذنلنتصبر على علمي يا موسى. احتملموسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء اللهصابرا ولا يعصي له أمرا. تأملكيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أنيصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيءحتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرطوانطلقا.. انطلقموسى مع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يمشيان على ساحل البحر..مرت سفينة، فطلب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وموسى من أصحابها أنيحملوهما، وعرف أصحاب السفينة[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]فحملوه وحملوا موسى بدونأجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئبأن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يتخلف فيها، لم يكدأصحابها يبتعدون حتى بدأ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]يخرق السفينة.. اقتلع لوحامن ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا. فاستنكرموسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسىمعيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كماحركته غيرته على الحق، فاندفع يحدثأستاذهومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: (قَالَأَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا). وهنايلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَمَعِيَ صَبْرًا)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَاتُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا). سارامعا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأنالعبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسىسائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتلههكذا..يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَمَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولنيعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَاتُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا). ومضىموسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما منالطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أنيضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلىخلاءفيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجداروبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقهومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذاالعملالمجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَلَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذهالعبارة.. قال عبد الله لموسى: (هَذَا فِرَاقُبَيْنِي وَبَيْنِكَ). لقدحذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن.. إن كلتصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادةالعليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفاتتشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمةحانية..وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمروباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غيرقطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبدالربانيمن علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر.. كشفالعبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقععلى الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمةعظمى. إنأصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعدأن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفنالموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفةالمعيبة..وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا. أيضا سيعتبروالد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمةعظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلامايرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفراكالغلامالمقتول. وهكذاتختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلىتصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد اللهإلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التيتخفينفسها وراء أقنعة عديدة. أماالجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة.ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنزفلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كانأبوهماصالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته. ثمينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألةوفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ماأطلعه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]من غيبه. واختفىهذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم منصحبته درسين مهمين: تعلمألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة. وتعلمألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزنوالآلام والموت. هذههي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء. والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟ يرىكثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقالالعلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذاالعبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأيبأنسياق القصة يدل على نبوته من وجوه: 1. أحدهاقوله تعالى: فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَاوَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) (الكهف) 2. والثانيقول موسى له: قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّاعُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَلَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْبِهِ خُبْرًا (68) قَالَسَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِاتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) (الكهف) فلوكان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناهأنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهوالنبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما منوليغير واجب العصمة. 3. والثالثأن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أقدم على قتل ذلك الغلامبوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل علىنبوته،وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجبالعصمة.. إذ يجوز [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففيإقدام [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]على قتل الغلام دليل نبوته. 4. والرابعقول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]لموسى: رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي يعنيأن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه. فرأىالعلماء أن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]نبيا، أما العباد والصوفيةرأوا أنه وليا من أولياء الله. ومن كلمات[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: ياموسى إن الناس معذبون فيالدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قالالخضر: يسر الله عليك طاعته. ونحننميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره ولياآتاه الله بعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموضحول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصليللقصة..ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى..وأستاذا له فترة من الزمن. تقبلوا كل تحياتي | |
|